من الوطن العربي ومعالمه: متحف المدينة المنورة في السعودية تراث ثقافي حي

بقلم ألفارو هوبكنز

في قلب المدينة المنورة بالمملكة العربية السعودية، يفتح متحف المدينة المنورة أبوابه أمام المسافرين، ويدعوهم لإستكشاف إرث ثقافي يتجاوز الحدود.

يقع هذا المتحف في محطة السكة الحديدية التاريخية للحجاز، التي تأسست عام 1908، ويضم المتحف أكثر من 2000 قطعة أثرية تؤرخ لتطور واحدة من أهم المدن الإسلامية.

منذ إفتتاحه عام 1983، يستقبل المتحف سنويا أكثر من 300 ألف زائر من 52 دولة، ويقدم جولة مدتها 40 دقيقة تربط التاريخ بالروحانية.

رحلة عبر التاريخ

يحول متحف المدينة المنورة محطة السكة الحديدية القديمة للحجاز إلى فضاء ثقافي يوثق تطور المدينة من مرحلة ما قبل الإسلام إلى ترسيخها كمركز للإسلام.

في صالات المتحف، تعرض نماذج مجسمة تفصيلية، ​​مثل تلك التي تعيد تصوركيف تطور المسجد النبوي، من منزل متواضع في القرن السابع إلى المجمع المهيب اليوم، الذي يزوره الملايين في كل عام.

ومن بين 2000 قطعة معروضة، توجد عملات معدنية من العصر النبوي ومخطوطات إسلامية وأدوات زراعية تعكس الحياة اليومية للمدينة المنورة.

ووفقا لأحد الزوار: “يتم عرض تاريخ المدينة بشكل جيد للغاية، مما يوثق المناظر الطبيعية وكيف تطورت على مر السنين”.

تسهل الارشادات التعريفية لدليل الزائر والسائح المكتوبة بالإسبانية والعربية والإنجليزية كي يتمكن مواطني أمريكا اللاتينية من إمتلاك تجربة التواصل، وهم الذين يجدون في هذه الروايات أصداء لشغفهم بمعرفة التاريخ.

الروابط الثقافية مع أمريكا اللاتينية

لا يحافظ المتحف على الماضي فحسب، بل يؤسس لحوار ثقافي مع أمريكا اللاتينية. إن الروحانية التي تميز المدينة المنورة، والتي تتمحور حول المسجد النبوي، لها صدى مع تقاليد أمريكا اللاتينية مثل الاحتفالات الدينية في المكسيك أو الاحتفالات المجتمعية في جبال الأنديز.

تتضمن محتويات المتحف، مجموع من السيراميك والمجوهرات والملابس التي تعكس تبيان للحياة اليومية في عصور مختلفة، مما يستحضر الثروة الحرفية لبلدان مثل بيرو أو كولومبيا.

بالإضافة إلى ذلك، تحكي معارض الوسائط المتعددة، مع مقاطع الفيديو والشاشات التفاعلية، قصة المدينة المنورة بطريقة ديناميكية، وهو شكل و تنسيق يرتبط بحساسية المنطقة، حيث تعتبر فيها الشفهية والبصرية أمرًا أساسيًا.

هذا الجسر الثقافي يحول المتحف إلى وجهة لا تقوم بالتثقيف فحسب، بل تحتفل بعالمية الإيمان والمجتمع، وهي القيم المركزية في أمريكا اللاتينية.

كيفية زيارة المتحف

يقع متحف المدينة المنورة في مدينة المعرفة الاقتصادية، بالقرب من المسجد النبوي ومحطة قطار الحرمين، ويمكن الوصول إليه بسهولة. ويفتح أبوابه من يوم السبت إلى يوم الخميس، في توقيت من الساعة 7:00 صباحًا حتى الساعة 12:00 ظهرًا. ومن الساعة 4:00 بعد الظهر إلى الساعة 10:00 مساءً، ورسوم الدخول هي 27 ريال سعودي التي تعادل (حوالي 7 دولارات).

تعمل الجولات المصحوبة بمرشدين والمتوفرة بلغات متعددة على إثراء التجربة بالتفاصيل التاريخية والثقافية. يقدم الخطاط المتواجد عند المدخل هدايا تذكارية شخصية، وهو فن يستذكر تقاليد الحرفيين في أمريكا اللاتينية، مثل المنسوجات الغواتيمالية أو المنقوشات الأرجنتينية.

يتيح موقع المتحف القريب من المواقع الرئيسية الأخرى، مثل سوق المدينة المنورة التاريخي، الجمع بين الزيارة للمتحف وجولة أوسع في المدينة. وبفضل المرافق المعدة للأشخاص ذوي القدرة المحدودة على الحركة، يقدم المتحف و إمكانيات مضمونة لجميع الزوار.

متحف المدينة المنورة ليس مجرد مستودع للأشياء، بل هو مساحة تدعو أمريكا اللاتينية لإكتشاف إرث يتحاور مع هويتهم الثقافية الخاصة.

ومن خلال سردها التاريخي والروحي، فهي تربط القارات، وتقدم تجربة تجمع بين التعلم والإلهام والإعجاب بالتراث المشترك للإنسانية. التخطيط للزيارة هو الشروع في رحلة ينبض فيها التاريخ بالحياة.